أمريكا.. رحلة انتخابية في طقس سيئ
وفجأة فقدت كل التحركات السياسية العالمية الكبرى والقضايا الراهنة معناها أمام الحدث الأمريكي الذي أصبح محط أنظار العالم واهتمام الناس. ويعني ذلك انسحاب الرئيس الأمريكي جو بايدن من حملة الانتخابات الرئاسية. وكان من المتوقع أن تتصاعد الدراما الانتخابية بعد المواجهات الشرسة وغير المسبوقة بين الحزبين المتنافسين والتي بلغت ذروتها بعد محاولة اغتيال دونالد ترامب. كل شيء كان متوقعاً إلا انسحاب بايدن في هذا الوقت الحرج وبالطريقة التي اتخذ بها قرار الانسحاب، لأن بايدن كان مصمماً حتى اليوم السابق، رغم تدهور حالته الصحية ورغم تعليمات شخصيات سياسية مهمة ووسائل إعلام مؤثرة. تم التلميح إليه ثم الإعلان عن انسحابه من المنافسة.
من الطبيعي أن ينشغل العالم بحدث أميركي مهم. فكيف بحدث مثل هذا في هذه الفترة الحساسة التي تمر بها أمريكا والظروف المربكة التي يعيشها العالم بسبب الأزمات التي تنشأ عنه؟ في كثير من أجزائه، وأصبحت معقدة على نحو متزايد. إنها أميركا، بغض النظر عن أي موقف منها أو من سياساتها. الدولة القائمة بسبب تأثير قوتها السياسية والعسكرية والاقتصادية على كل ما يحدث في العالم، والتي تكون قادرة على التأثير في مجريات الأمور بشكل لا تستطيع بقية الدول الكبرى مهما كانت منافستها قد يكونون كذلك، ولا يمكنهم أن يكونوا معهم، على الأقل في الوقت الحالي، ولهذا يجب على العالم أن يتعامل معها، لأن ما يحدث فيها له تأثير مباشر على ما سيحدث فيها.
ونظراً لما يحدث في أميركا الآن، وهو موضوع رئيسي في تاريخها، فهل هناك مخاوف كبيرة من انزلاقها إلى نقطة تحول تشكل خطراً حقيقياً على البلاد؟ في أغلب الأحيان، وربما بالتأكيد، لن يحدث ذلك. وستكون هناك صدمات كتلك التي تحدث عند الطيران في الأحوال الجوية السيئة، لكن مهارة الطيار تضمن له الهبوط على المدرج. والحاكم في الحالة الأميركية هو النظام المؤسسي الراسخ الذي حكمها منذ تأسيسها وصياغة دستورها، الذي جمع بين الانضباط والقدرة على التعامل مع التطورات والمفاجآت والظروف غير العادية كتلك التي تحدث الآن.
وستكون أميركا معنا في الفترة المقبلة حتى يتم تحديد الشخص التالي في البيت الأبيض، وهو أمر من المستحيل التنبؤ به حاليا، وربما حتى قرب نهاية الدورة الانتخابية، التي ستكون من أكثر الانتخابات إثارة في الرحيل. من المعايير الموضوعية التقليدية للتنبؤ بنتائجها.