الاحتلال الإسرائيلي ينفذ اختفاء قسري لآلاف من معتقلي غزة: تفاصيل صادمة
أفادت مؤسسات الأسرى (هيئة شؤون الأسرى والسجناء المحررين ونادي الأسير الفلسطيني ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان)، اليوم الجمعة، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي ارتكبت جريمة الإخفاء القسري بحق الآلاف من أبناء غزة. الأسرى منذ بداية حرب الإبادة الجماعية وخاصة مع بداية الاجتياح البري في قطاع غزة، بالإضافة إلى اعتقال آلاف العمال الذين كانوا يعملون في المناطق قبل حرب عام 1948.
وأضافت المؤسسات في بيان لها بمناسبة اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري الذي يصادف 30 أغسطس من كل عام، أن “جريمة الاختفاء القسري تمثل الوجه الأبرز في حرب الإبادة الجماعية المستمرة منذ عام 2013”. وعمليات الاعتقال الواسعة المستمرة التي طالت كافة الفئات من الأطفال والنساء وكبار السن، فضلاً عن استهداف العشرات من الطواقم الطبية في هجمات متكررة على مستشفيات قطاع غزة، وأشهرها الاجتياح الأكبر لمجمع الشفاء الطبي.
وخلال تنفيذ جيش الاحتلال لعمليات الاعتقال، انتشرت صور مئات المدنيين المعتقلين من مختلف مناطق قطاع غزة، وهم عراة ومتجمعون بأعداد كبيرة في الأماكن المفتوحة وفي الشوارع وفي الشاحنات التابعة لجيش الاحتلال، وظهروا في ظروف مهينة وأذلت كرامة الإنسان.
وتابعت مراكز الاعتقال أن “النظام القضائي للاحتلال الإسرائيلي ساهم في ترسيخ جريمة الاختفاء القسري، والذي ساهم في استخدام جرائم التعذيب بحق معتقلي غزة من خلال اعتقال الآلاف من معتقلي غزة على أساس (مقاتلون غير شرعيين) ) القانون الذي أصدره الكنيست الإسرائيلي عام 2002، والذي نص على: “إنه في الأساس انتهاك واضح وصريح لنزاهة الإجراءات القضائية”.
مع بداية حرب الإبادة الجماعية، أدخلت سلطة الاحتلال تغييرات قانونية على قانون “المقاتلين غير الشرعيين” على غرار الاعتقال الإداري. ومن أهم هذه التغييرات تمديد اعتقال المعتقل لمدة (45) يوما، والمراجعة القضائية بعد (75) يوما، ومنع لقاء المحامي لمدة (180) يوما، علما أن الاحتلال رفض السماح بذلك اللجنة الدولية للصليب الأحمر لزيارة المعتقلين والسجناء في معسكرات الاعتقال.
وساهمت هذه التغييرات في ترسيخ جريمة الاختفاء القسري، إضافة إلى رفض الاحتلال الكشف عن معلومات عن المعتقلين في غزة أو بيانات عن عددهم. وعلى هذه الخلفية، تقدمت مجموعة من المنظمات الحقوقية بعدة التماسات إلى “المحكمة العليا في إسرائيل” بهدف الكشف عن هويات المعتقلين وأماكن احتجازهم. وفي كل مرة، أثبتت المحكمة العليا ما أثبتته على مدى عقود عديدة: أنها كانت ذراعا أساسيا في ترسيخ الجرائم ضد الفلسطينيين.
وأشارت مرافق السجون إلى أن الاحتلال يعمل على إنشاء معسكرات خاصة لاحتجاز أسرى غزة، بالإضافة إلى السجون المركزية، وأشهرها معسكر سدي تيمان، الذي كان أشهر أماكن جرائم التعذيب، إلى جانب السجون. سجن رئيسي عناتوت ومعسكري عوفر التابعين لجيش الاحتلال.
وعندما بدأ الاحتلال بإطلاق سراح العمال المحتجزين في معسكرات الجيش في نوفمبر 2023، بدأ الأسرى بالكشف عن الظروف اللاإنسانية والمهينة التي تعرضوا لها، فضلاً عن الاعتداءات المتكررة عليهم وممارسة سياسة التجويع والعطش والمعاملة المرفوضة والوحشية. وتم استخدام أساليب ضدهم، بما في ذلك تعصيب أعينهم وتقييد أيديهم باستمرار.
ولاحقا، ومع إطلاق سراح المزيد من معتقلي غزة من السجون والمخيمات، كشفت شهاداتهم عن جرائم مروعة وصادمة بحقهم، وفي مقدمتها جرائم التعذيب والإهانة، فضلا عن الاعتداءات الجنسية، بما في ذلك الاغتصاب. الصور الأولى للأسرى المفرج عنهم مثلت شهادة حية على الجرائم المرتكبة بحقهم، وقد تم الكشف عن هذه الجرائم من خلال عدة تقارير وتحقيقات صحفية حول معسكر سدي تيمان، والتي تضمنت تصريحات مروعة وصادمة حول الأوضاع اللاإنسانية التي يعيشها الأسرى في المخيم ومؤخراً تم تسريب فيديو يظهر جنوداً يغتصبون سجيناً في معسكر سدي تيمان.
وفي ظل بعض التغييرات القانونية التي أتاحت للفرق القانونية الكشف عن أماكن المعتقلين وإجراء زيارات محدودة لبعض معتقلي غزة، تزايدت الشهادات الصادمة وبكثافة غير مسبوقة، ووثقت المؤسسات عشرات الشهادات من معتقلي غزة حول جرائم تعذيب ممنهجة نفذت باستخدام العديد من المعتقلين الأدوات والأساليب المستخدمة ضدهم في أماكن الاحتجاز المختلفة، بما فيها السجون والمعسكرات المركزية، ما أدى إلى استشهاد العشرات من المعتقلين في غزة، الذين يواصل الاحتلال إخفاء هوياتهم، بالإضافة إلى إعدامات ميدانية.
وفي هذا الصدد أكدت مرافق الاعتقال أنه وبعد مرور أكثر من عشرة أشهر على حرب الإبادة الجماعية، تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي استخدام جريمة الإخفاء القسري ضد الأسرى في غزة، والتي تشكل جريمة ضد الإنسانية بموجب الاتفاقية الدولية لحماية المعتقلين كافة. الأشخاص من الاختفاء القسري، والذي عرفه “الاختفاء”: “الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل آخر من أشكال الحرمان من الحرية من قبل سلطات الدولة أو من قبل أشخاص أو مجموعات من الأشخاص بإذن أو دعم أو موافقة من الدولة، يليه الرفض”. الاعتراف بحرمان شخص ما من حريته.”
وجددت المنظمات الأسيرة دعوتها للمنظومة الدولية لحقوق الإنسان لتجاوز حالة العجز الدولي المستمرة في مواجهة حرب الإبادة، واتخاذ قرارات واضحة لمحاسبة دولة الاحتلال الإسرائيلي، ووقف العدوان الواسع ضد شعبنا. بما في ذلك جرائم الأسرى والمعتقلين في سجون ومخيمات الاحتلال الإسرائيلي.
جدير بالذكر أنه حتى الآن لا توجد معلومات واضحة ودقيقة عن إجمالي عدد الأسرى في غزة من بينهم نساء وأطفال، وكذلك عن الشهداء الذين استشهدوا نتيجة جرائم التعذيب أو الإعدام، بل فقط حول ما والمتاح حتى بداية أغسطس (1584) هم أولئك الذين تم تصنيفهم على أنهم (مقاتلون غير شرعيين) من قبل الطاقم. ولا يشمل هذا العدد السجناء في معسكرات الجيش. علماً بأن الاحتلال أعلن عبر وسائل إعلامه أنه اعتقل أكثر من (4500) مواطناً من غزة منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر 2023.