رياضة

أسرار لا تعرفها عن الرياضيين الأبطال في حرب أكتوبر

في ذكرى حرب أكتوبر المجيدة نستذكر تاريخ تلاحم الرياضة والوطن وكيف تحول أبطال الملاعب إلى فرسان حقيقيين في ساحات القتال وكتبوا سطورا خالدة في تاريخ مصر.

ولم تكن حرب أكتوبر مجرد معركة عسكرية، بل كانت ملحمة وطنية جمعت كل المصريين من كافة أطياف الحياة، ومن بينهم الرياضيون الذين تركوا بصمة واضحة في هذه الحرب. وبعد أن جلبوا المجد والبهجة للجماهير في الملاعب، تحولوا إلى جنود أقوياء يدافعون عن وطنهم.

الرياضة والتضحية

وكانت الرياضة آنذاك أكثر من مجرد هواية، بل كانت رسالة وطنية، حيث كانت الملاعب تشهد حماس الجماهير ومساندتها للقوات المسلحة. ورأى الرياضيون أن الفوز في أي مباراة يعد انتصارا لمصر وأن الهزيمة إهانة لكرامة الوطن.

وعندما جاءت لحظة الحقيقة، لم يتردد الرياضيون في مغادرة الملاعب والتوجه إلى الجبهات، حيث ارتدوا الزي العسكري وحملوا السلاح وشاركوا في الدفاع عن الوطن جنباً إلى جنب مع زملائهم في الجيش.

أمثلة ساطعة

وتضم قائمة الرياضيين الذين شاركوا في حرب أكتوبر أسماء لامعة، منهم:

  • اللواء محمود الجوهري: أحد أبرز المدربين في تاريخ الكرة المصرية، كان ضابطا في سلاح الإشارة أثناء الحرب.

اللواء الراحل محمود الجوهري، تلك الشخصية المميزة التي ارتبط اسمها ارتباطًا وثيقًا بنجاحات الكرة المصرية، لم يكن مدربًا لامعًا قاد الفراعنة إلى نجاحات تاريخية فحسب، بل كان قائدًا عسكريًا شجاعًا شارك في حرب أكتوبر المجيدة. هذا التوازن الرائع بين الملعب الأخضر وساحة المعركة جعله نموذجا يحتذى به حيث استطاع أن يجمع بين شغفه بكرة القدم ووطنيته الصادقة، ولهذا السبب تقاعد من سلك المخابرات برتبة عميد، يحمل كرة القدم و الإرث العسكري الذي يخلد اسمه في ذاكرة الأجيال.

ويعتبر هذا القائد الشجاع، الذي قاد منتخب مصر للفوز ببطولة أمم أفريقيا 1998 وتأهل الفراعنة لكأس العالم 1990 بإيطاليا، أيقونة رياضية وعسكرية وترك بصمة واضحة في تاريخ مصر الحديث.

 

  • محمود بكر: المعلق الرياضي الشهير كان نقيباً في سلاح استطلاع المشاة.

لم يكن الراحل محمود بكر صوتا معروفا في عالم التعليق الرياضي فحسب، بل كان بطلا حقيقيا في ساحة المعركة. وقبل أن يسحر الجماهير بصوته الرخيم وأسلوبه اللطيف في التعليق على المباريات، كان أحد الجنود الذين شاركوا في حرب أكتوبر المجيدة بسلاح المشاة. وهذه الشخصية المتعددة الأوجه تثبت لنا أن الأبطال الحقيقيين هم أولئك الذين يتفوقون في مختلف المجالات ويستطيعون أن يتركوا انطباعاً خالداً في ذاكرة الوطن.

تجسد مشاركة محمود بكر في حرب أكتوبر ومسيرته الطويلة كمعلق رياضي الوحدة الوطنية التي جمعت أبناء الوطن في مواجهة التحديات. إن جنودنا الأبطال الذين شاركوا في الحرب، مثل محمود بكر، كانوا يمثلون كافة فئات المجتمع، وكانوا جميعاً متحدين على هدف واحد: الدفاع عن الوطن. وبذلك ستبقى أسماء هؤلاء الأبطال راسخة في أذهان الأجيال القادمة ويلهموننا جميعا حب الوطن والتضحية.

 

  • اللواء محمد عبد العزيز قابيل: أحد نجوم الزمالك، كان قائد الفرقة الرابعة مدرع.

ولم تقتصر مسيرة بطلنا على المستطيل الأخضر فحسب، بل امتدت إلى مجالات الشرف والبطولة. وبعد أن ترك بصمته في عالم كرة القدم سواء في الأهلي أو الزمالك، انتقل إلى مجال آخر وهو مجال العطاء والتضحية، حيث التحق بالكلية الحربية وتخرج منها ضابطا بالقوات المدرعة. لم يتخل عن حبه لكرة القدم، لكنه وضع بلاده في المقام الأول.

شارك في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر حيث قاد قواته بكل شجاعة وإقدام وساهم في تحقيق النصر العظيم. ورغم انشغاله بواجباته العسكرية، إلا أنه لم يتوقف عن متابعة الأخبار الرياضية ودعم فريقه، وهو ما يشهد على حبه العميق للرياضة ووطنه.

 

  • حمادة إمام: نجم الزمالك، كان ضابطا بالقوات المسلحة.

لم يكن حمادة إمام مجرد لاعب كرة قدم، بل كان قائدا شجاعا في ساحات القتال. لقد كان أحد المشاركين وأبطال حرب يوم الغفران، وبينما أبهر الجماهير بأهدافه الرائعة ومراوغاته الساحرة، خدم وطنه في صفوف القوات المسلحة. هذا التوازن الرائع بين الحياة الرياضية والحياة العسكرية جعله قدوة، حيث استطاع أن يجمع بين شغفه بكرة القدم ووطنيته الصادقة ليكتب اسمه بأحرف من نور في تاريخ الرياضة والعسكرية المصرية. إنه قدوة للأجيال القادمة ويلهمهم بالمثابرة والعمل الجاد والوطنية. كما كان أحد الركائز الأساسية التي بنيت عليها شخصية نادي الزمالك. وبمهاراته العالية وروحه القتالية ساهم في تحقيق العديد من الانتصارات للقلعة البيضاء وتقاعد برتبة عقيد.

 

 

  • صبري سراج: لاعب كرة يد بالزمالك فقد ذراعه أثناء الحرب.

لم يكن صبري سراج مجرد نجم كرة سلة لامع في نادي الزمالك، بل كان بطلاً حقيقيًا في ساحة المعركة. شارك في حرب أكتوبر حيث كان له دور بارز في صد هجمات العدو، وفقد ذراعه في تلك المعارك المريرة. إلا أنه لم يستسلم بل عاد لمواصلة مسيرته الرياضية والإدارية، ليصبح نموذجاً يحتذى به في المثابرة والإصرار. وتذكرنا هذه القصة البطولية بأن الأبطال الحقيقيين هم الذين يضحون بأنفسهم من أجل خير الوطن وأن الرياضة ليست مجرد لعبة بل وسيلة لبناء شخصية قوية ووطنية.

 

 

  • فكري صالح : حارس مرمى الزمالك السابق وعميد مدربي حراس المرمى في كرة القدم المصرية، أحد نجوم الرياضة الذين شاركوا في حرب 6 أكتوبر 1973.

لم يكن فكري صالح حارسًا موهوبًا لنادي الزمالك فحسب، بل كان أيضًا بطلاً حقيقيًا في ساحة المعركة. وأثناء حمايته لمخبأ الفارس الأبيض، خدم وطنه في صفوف القوات المسلحة وشارك أيضاً في حرب أكتوبر المجيدة، وواجه مخاطر كبيرة دفاعاً عن الوطن. هذه التجربة الشجاعة ساهمت في تشكيله وتشكيل شخصيته القوية، وجعلته قدوة للأجيال القادمة. قصة فكري صالح هي قصة كل مصري شريف، تصور التضحية والفداء في كل عمل نقوم به، سواء كان ذلك في الملعب الرياضي أو ساحة المعركة. كلاهما يتطلب الانضباط والعمل الجماعي والروح القتالية. وقد أثبت فكري صالح أن هذه الصفات يمكن أن توجد في الشخصية، مما يجعله قدوة لنا جميعا.

 

وفي عام 2022، علق اللاعب والبطل فكري صالح، على ذكرى النصر عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بالكلمات: “منذ الفصل الأول في الكلية الحربية، ليست مصر في قلبي، بل مصر قلبي”. والله يا رب يحفظها بحفظه البديع ويجعلها أماً بقدرته وكرمه: “للعالم الدنيا”.

 

  • سمير زاهر: رئيس اتحاد الكرة الأسبق، شارك في حرب ما بعد حرب 1967.

سمير زاهر، القائد الذي قاد المنتخب المصري إلى العديد من النجاحات، لم يكن مجرد رئيس لاتحاد كرة القدم. وقبل توليه هذا المنصب المهم، كان جنديًا شجاعًا في صفوف القوات المسلحة المصرية، حيث شارك في حرب أكتوبر المجيدة. تجربته في الحرب صقلته وشكلت شخصيته القيادية. وبعد تحقيق الانتصارات في ساحة المعركة، واصل تحقيق الانتصارات في الميدان وأصبح رمزا للوطنية والمثابرة والتصميم. قصة سمير زاهر تلهم الأجيال القادمة وتذكرنا بأن البطولة الحقيقية تتجاوز الميدان وأن النجاح الحقيقي هو ما يجمع بين الإنجاز الشخصي وخدمة الوطن.

 

الدروس المستفادة

وتعد مشاركة الرياضيين في حرب أكتوبر مثالا حيا على التلاحم الوطني وقدرة المصريين على تقديم التضحيات من أجل وطنهم. كما تؤكد أن الرياضة ليست مجرد ترفيه، بل هي أداة قوية لبناء الشخصية وتنمية روح الفريق والوطنية.

 

الرياضة في خدمة الوطن

وحتى اليوم، بعد سنوات من حرب أكتوبر، لا تزال الرياضة تلعب دورًا مهمًا في حياة المصريين. الملاعب مكان للتعبير عن الفرح والحزن ومنصة للتواصل بين الناس. كما تساهم الرياضة في تحسين الصحة العامة وبناء مجتمع قوي ومتماسك.

 

قصة الرياضيين الذين شاركوا في حرب يوم الغفران هي قصة بطولة وتضحية ومصدر إلهام للأجيال القادمة. ومهما تغير الزمن فإن قيم الوطنية والوفاء للوطن ستظل راسخة في قلوب المصريين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى