«حزب الله» خطر على سورية
ما إن بدأت سوريا بإعادة تموضعها بعد 13 عاماً من الحرب وتعزيز علاقاتها تدريجياً مع الدول العربية، والتي بدأت بمشاركة الرئيس بشار الأسد في القمة العربية في جدة في أيار/مايو 2023، اشتعلت نيران الحرب الإسرائيلية في غزة. وبدأ لبنان يصل إليه.
لقد أصبح لبنان، الجار الأقرب، المشكلة الجديدة بالنسبة لسوريا من الناحية الأمنية والجيوسياسية. بل يمكن الحديث بوضوح عن حزب الله الذي أصبح مركزاً إقليمياً ويجب التعامل معه بشكل نهائي وحذر.
وكان الرئيس الراحل حافظ الأسد يقول دائما: “لبنان لا يجلب إلا الصداع”، وهي عبارة كثيرا ما يستخدمها السياسيون اللبنانيون أنفسهم، لأن كل ما يحدث في لبنان ينعكس في سوريا، لكن الوضع اليوم أكثر تعقيدا وحساسية من أي وقت مضى. ومرة أخرى يمكن القول إن حزب الله يعاني فقط من الصداع، والمسكنات لن تساعد في علاج هذا الصداع.
تغيير السياسة السياسية والأمنية الاستراتيجية
لبنان اليوم ليس في حرب أهلية يمكن للعرب، وسورية على وجه الخصوص، احتوائها بناء على طلب الدول العربية. فهو ليس في حرب محدودة أو حرب رد فعل كما حدث في عام 2006. إنه يواجه تغيرات كبيرة على المستوى السياسي والأمني وربما الديموغرافي بعد أن وصل عدد النازحين السوريين إلى نحو 30 ألفاً؛ وبحسب الإحصاءات الرسمية، من المرجح أن يرتفع هذا العدد بسبب تأثير الحرب التي تخوضها إسرائيل ضد حزب الله.
لبنان الآن بلد في حالة اضطراب وعلى حافة الجحيم، إذا جاز التعبير. ولعل سوريا هي الدولة الأولى التي تأثرت بأحداث لبنان. وفق فلسفة الجغرافيا والتاريخ والعلاقة المتشابكة بعمق بين البلدين.
وفي السنوات الأربع الماضية، لم تسلم قاعدة عسكرية تابعة لحزب الله وإيران على الأراضي السورية من الهجمات الإسرائيلية. ولطالما شرعنت إسرائيل هجماتها على الأراضي السورية بذريعة أنشطة حزب الله اللبناني وأصبحت مقراته ومناطقه في سوريا مصدر خطر على السوريين أنفسهم. هل أصبح حزب الله خطراً على سوريا؟!
اغتيالات وتهجير وفوضى
في الأسبوع الأول من الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان، تدفقت آلاف العائلات اللبنانية ومعظم العائلات المرتبطة بقادة حزب الله إلى مدينة حمص، بالقرب من الحدود السورية اللبنانية. ولم يصلوا نازحين، بل توافدوا على حمص بأعداد كبيرة ووسع الغزاة المسلحون سيطرتهم على العديد من أحيائهم، وكشفت وسائل التواصل الاجتماعي حجم الفوضى التي أحدثتها ميليشيا حزب الله في حمص، إضافة إلى بوادر إعادة التسلح في سوريا، والتي تتم الآن بالتوازي مع الجيش والأجهزة الأمنية.
وفي غضون شهر، اغتالت إسرائيل أكثر من خمسة من قادة حزب الله الذين حاولوا الفرار إلى سوريا. ابحث عن مكان آمن لها. معظم الاغتيالات الإسرائيلية التي جرت في العاصمة دمشق لم تكن موجهة ضد قادة أو ضباط أو شخصيات سورية، بل كانت موجهة بالدرجة الأولى ضد مسؤولي الحرس الثوري الإيراني وقيادات حزب الله، لدرجة أن الرأي العام في سوريا بدأ يتحدث علناً باسم لأول مرة عن خطورة بقاء قيادات الحزب بين السكان المدنيين وفي أحياء العاصمة دمشق.
هذا ليس كل شيء. بل إن تهديد (حزب الله) لسوريا أصبح الآن أكبر بكثير ومن الواضح أن دمشق لا تريد مواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي لعدة أسباب منها الأسباب الواضحة التي تدعيها الحكومة السورية وهي في حالة وقف إطلاق النار (فك الاشتباك) ) مع إسرائيل. منذ اتفاق 1974، كانت هناك معاهدات دولية لوقف التصعيد بين دمشق وتل أبيب، لكن اليوم حزب الله في دمشق يفرض حالة جديدة من المواجهة مع إسرائيل مخاطر كبيرة على الدولة السورية. معتبرا أن حزب الله متمرد ولا يحارب من خلال الدولة اللبنانية.
الخطر يتزايد… والحرب مستمرة
نعم حزب الله أصبح يشكل خطراً على الدولة السورية وأيضاً على النسيج الاجتماعي السوري، وربما يتزايد هذا التهديد في الأيام القليلة المقبلة مع زيادة النزوح وإطالة أمد الحرب في لبنان، وهذا متوقع تماشياً مع بيانات الوضع الحالي.
وعندما نرى خريطة سيطرة حزب الله في سوريا أو انتشاره عبر الأراضي السورية، نجد أن الحدود السورية اللبنانية في حمص، بما في ذلك القصير والقرى الحدودية، تقع تحت سيطرة حزب الله، وامتدت هذه السيطرة إلى مدينة حمص و وفي القلمون الغربي والزبداني على الحدود، يمتلك حزب الله مستودعات أسلحة في هذه المنطقة. بل إن المحللين العسكريين يعتقدون أن مستودعات القلمون تمثل المخزون الصاروخي الاستراتيجي لحزب الله، نظراً لقوة المنطقة.
وهنا يمكن القول إن تواجد حزب الله على خطين حدوديين مع سوريا يعتبر تهديدا لأمن الأراضي السورية على المدى القصير، معتبرا أن إسرائيل تلاحق كل صغيرة وكبيرة في الحزب، لا يخلو من قياداته وأعضائه. الحزب: ترك المساءلة بعد أن شن نتنياهو حرباً مفتوحة على قياداته. ويجري الانتقال من تفكيك بنية الحزب إلى إقصائه، وفي إسرائيل هناك تحول نحو مواصلة الحرب. معتبرا أن هذه ميليشيا مصنفة إرهابية على المستوى الدولي.
(حزب الله) يشكل اليوم تهديدا بالدرجة الأولى للبنان وسوريا وأصبح لعنة إقليمية بسبب انتشاره الإقليمي وبالتالي فهو كما أثقل كاهل لبنان منذ نشأته حتى الآن، فإنه سيستمر في ذلك أيضا ويمكن أن يشكل عبئا وعبئا. خطر على سوريا إذا سمح لها بمواصلة أنشطتها وتحركاتها داخل أراضيها.