الخليج

السعودية في رحلة زراعة 10 مليارات شجرة

وتستضيف الرياض النسخة الرابعة من منتدى المبادرة السعودية الخضراء في المنطقة الخضراء ضمن مؤتمر “COP16” في ديسمبر المقبل. ويعد المؤتمر أكبر اجتماع لجميع الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر والأول من نوعه يعقد في الشرق الأوسط وسيكون أكبر مؤتمر متعدد الأطراف في المملكة.

ومن المتوقع أن يجمع المنتدى السنوي هذا العام المئات من صناع السياسات وقادة الأعمال والخبراء من جميع أنحاء العالم في الجناح المخصص للمبادرة السعودية في المنطقة الخضراء. ولتحقيق هذه الغاية، يتم تنظيم العديد من الجلسات الفنية في المنتدى السنوي. وهناك فرصة لاستكشاف أفضل الممارسات والتعرف على أحدث الابتكارات واستعراض التقدم المحرز. أما فيما يتعلق بتحقيق أهداف المبادرة، فإن ذلك يأتي في إطار الجهود المستمرة لتوسيع أفق التعاون وتسريع وتيرة الجهود لبناء مستقبل أكثر استدامة.

وتمكنت المبادرة السعودية الخضراء منذ إطلاقها من تحقيق آثار إيجابية ملموسة من خلال زيادة القدرة الإجمالية لمصادر الطاقة المتجددة المستخدمة إلى أكثر من 4 جيجاوات، وزراعة أكثر من 95 مليون شجرة، ونقل أكثر من 1660 حيوانًا مهددًا بالانقراض في جميع أنحاء المملكة.

وتقام ضمن المعرض محاضرات متنوعة بمشاركة مختلف الخبراء، بهدف تزويد الضيوف بمعلومات قيمة حول أكثر من 80 مبادرة تم إطلاقها تحت مظلة المبادرة السعودية الخضراء.

وفي إطار الجهود المستمرة لتحسين البيئة ومواجهة تحديات التغير المناخي، حققت المملكة تقدماً كبيراً في مجال التشجير. ومنذ إطلاق البرنامج الوطني لإعادة التشجير، قامت المملكة بزراعة أكثر من 95 مليون شجرة، بهدف طموح يتمثل في زراعة 10 مليارات شجرة في المستقبل القريب، مما يعكس التزاماً قوياً بالبيئة وتحسين نوعية الحياة.

تلعب الأشجار دورًا مركزيًا في النظم البيئية، حيث تعمل كمرشحات طبيعية تمتص الملوثات مثل الدخان والغبار. وبحسب المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، فإن نحو ملياري طن من الغبار والرمال تدخل أجواء المملكة سنوياً، 25% منها بسبب الأنشطة البشرية. وأسفرت هذه الجهود عن انخفاض كبير بنسبة 90% في معدلات الغبار والعواصف الرملية، وهي أدنى مستوياتها خلال عقدين من الزمن.

تهدف مبادرة المملكة العربية السعودية الخضراء إلى تحسين جودة الهواء وخلق بيئة صحية للأجيال القادمة. وتتضمن المبادرة عدة برامج لاستعادة الغطاء النباتي وإدارة المناطق المتضررة، بالإضافة إلى استراتيجيات تلقيح السحب لزيادة هطول الأمطار. بالإضافة إلى ذلك، تم إطلاق 77 برنامجًا لدعم أهداف الاستدامة، باستثمارات تزيد عن 700 مليار ريال سعودي.

استجاب المجتمع السعودي بشكل إيجابي لجهود إعادة التشجير، حيث شاركت المجتمعات المدنية في أنشطة إعادة التشجير ورفعت وعي المجتمع بأهمية البيئة.

ويشير المستشار الاقتصادي السابق عيد العيد إلى أن زيادة التشجير يمكن أن تحقق فوائد اقتصادية عديدة، بما في ذلك تحسين نوعية الحياة، وخفض تكاليف الرعاية الصحية، وزيادة الإنتاجية الزراعية، وتعزيز السياحة البيئية، وخلق فرص عمل جديدة، وخفض تكاليف الطاقة وزيادة قيم الممتلكات.

تحسين جودة الهواء: خبير السياسات والأبحاث الصيدلانية د. ويقول ثامر الشمري إن زراعة الأشجار وتوسيع الغابات يمكن أن يكون لها آثار إيجابية كبيرة على الصحة العامة والبيئة. تعمل الأشجار بمثابة مرشحات طبيعية للهواء، حيث تمتص ثاني أكسيد الكربون وتطلق الأكسجين، مما يحسن جودة الهواء ويقلل الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي. وتلعب الغابات أيضًا دورًا حاسمًا في تثبيت التربة ومنع تآكلها، مما يساعد في الحفاظ على جودة المياه الجوفية والمياه السطحية.

من منظور بيئي، تعد الغابات موطنًا للعديد من الكائنات الحية وتعزز التنوع البيولوجي، وهو أمر ضروري للنظم البيئية الصحية. بالإضافة إلى ذلك، تساعد المساحات الخضراء في التخفيف من آثار تغير المناخ عن طريق امتصاص الكربون وتنظيم درجات الحرارة المحلية. وأكد أهمية تكامل جهود القطاعين الصحي والبيئي لتحقيق الاستدامة البيئية التي تعود بالنفع على صحة ونوعية حياة السكان. إن زراعة الأشجار وتوسيع الغابات ليست مجرد عمل بيئي، بل هي استثمار في صحة ورفاهية المجتمعات الحالية والمستقبلية. كجزء من حماية البيئة، يتم معاقبة الانتهاكات المتعلقة بالغابات بشدة. وبحسب سلمان الرملي المحامي والمستشار القانوني، فإن هناك غرامات تصل إلى 20 ألف ريال على زراعة البذور دون ترخيص أو تشييد المباني في الغابات دون تصريح. كما فرضت غرامة قدرها 10 آلاف ريال على زراعة النباتات الغازية، وكذلك غرامات تتراوح بين 500 إلى 3000 ريال على المخالفات الأخرى مثل التخييم غير المرخص أو إشعال النيران في غير الأماكن المخصصة.

تتمثل مهمة المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي في توثيق التنوع البيولوجي من خلال جمع صور النباتات والحيوانات، مما يساعد الباحثين على اكتشاف أنواع جديدة أو إعادة اكتشاف الأنواع المفقودة. وتعزز هذه الجهود مكانة المملكة كدولة رائدة إقليمياً في مجال الاستدامة البيئية.

الجامعات العالمية ومكافحة التصحر

وقد أظهرت الدراسات الحديثة التي أجرتها جامعات مشهورة الفوائد البيئية والصحية والاجتماعية لإعادة التشجير ومكافحة التصحر. وفقا لدراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا، بيركلي، فإن زيادة إعادة التشجير في المناطق الحضرية يمكن أن تحسن بشكل كبير نوعية الهواء وتقلل من أمراض الجهاز التنفسي، وخاصة في المدن التي تعاني من مستويات عالية من التلوث.

وأشارت دراسة أجرتها جامعة أكسفورد إلى أن التشجير في المناطق المتضررة من تآكل التربة يحسن استقرار التربة ويزيد من احتباس الماء، مما يدعم التنمية الزراعية المستدامة.

وشددت جامعة ييل في دراستها على أهمية زيادة الغطاء الشجري في المدن والمناطق الريفية للحد من تأثير الجزر الحرارية والمساعدة في تنظيم المناخ المحلي. يوصي الباحثون بدمج إعادة التشجير بشكل معقول في التخطيط الحضري.

من ناحية أخرى، أظهرت دراسة من جامعة كامبريدج أن مشاريع إعادة التشجير تدعم التنوع البيولوجي وتساعد على حماية الأنواع المهددة بالانقراض. وأوصت الدراسة بتحديد المجالات الرئيسية التي تعتبر مهمة لتنفيذ هذه المشاريع.

وأخيرا، سلطت جامعة ستانفورد الضوء على إمكانات زراعة الأشجار لامتصاص الكربون ومكافحة تغير المناخ، وشددت على أهمية التعاون الدولي لتبادل المعرفة والموارد في هذا المجال.

وتظهر هذه الدراسات أن التشجير يمكن أن يكون أداة فعالة لمعالجة المشاكل البيئية وتحسين نوعية حياة الأجيال الحالية والمستقبلية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى