الخليج

الاغتيالات.. «تجريب المجرب»

وسط مخاوف من انزلاق المنطقة إلى تصعيد واسع النطاق، كشفت أحداث الاغتيالات السياسية التي هزت العالم على مر السنين، عن تحول في السياسة من الحروب والصراعات إلى الضربات الحاسمة، خاصة بعد عمليتي اغتيال استهدفتا القائد العسكري في المنطقة حزب الله اللبناني فؤاد شكر في بيروت ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية ورفاقه في العاصمة الإيرانية طهران.

وكان اغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس وتسعة آخرين في العاصمة العراقية بغداد بهجوم أميركي مطلع كانون الثاني/يناير 2020، مجرد بداية الشرارة الأولى لهذه العمليات التي أدت إلى إجراء من الدول والجماعات المسلحة التي تصر على العنف والتصفية سواء من خلال الضربات الجوية أو من الجو أو الطائرات بدون طيار أو العبوات الناسفة.

وبينما لا تزال الظروف المحيطة بمقتل هنية ورفاقه غير واضحة، مع تقارير تفيد بأن العملية نُفذت باستخدام متفجرات زرعت في شقته قبل ثلاثة أشهر وتم تفجيرها عن بعد، بينما يتحدث آخرون عن هجوم بقنبلة، فإن إيران تلوم إسرائيل بشكل مباشر، رغم أن تل أبيب ولم تعترف أفيف بذلك حتى الآن، مكتفية بتأكيد وقوفها وراء تفجير ما يسمى مجلس شورى حزب الله في الضاحية الجنوبية، واغتيال القائد العسكري لحزب الله فؤاد شكر.

ويرى الصحافي الاستقصائي الإسرائيلي رونين بيرغمان، في كتابه الشهير “انهض واقتل أولا: التاريخ السري للاغتيالات المستهدفة في إسرائيل”، أن الاغتيالات هي سلوك إسرائيلي لا يمكن إنكاره، وأن هذه المنظمة نفذت أكثر من 2700 عملية منذ تأسيسها عام 1948. وينفذ جهاز المخابرات التابع لها، الشاباك، اغتيالات باستخدام أساليب تقليدية وغير تقليدية وبأدوات متنوعة، من معجون الأسنان المسموم إلى الطائرات بدون طيار والسيارات المفخخة. وأوضح أن هدف القادة العسكريين هو التأثير على موازين الصراع وأن نسبة كبيرة من عمليات القتل الإسرائيلية يتم التخطيط لها لتحقيق أهداف سياسية.

ويؤكد تحرك حركة الاغتيالات الإسرائيلية بين فلسطين من خلال تصفية قادة الفصائل الفلسطينية (محمد الضيف وصالح العاروري) في الأسابيع الأخيرة، وقبلها الهجوم على السفارة الإيرانية في دمشق ودمشق. مقتل سبعة من مستشاري الحرس الثوري، أبرزهم العميد محمد رضا زاهدي، وردت إيران بإطلاق سلسلة من الطائرات بدون طيار والصواريخ ضد إسرائيل، بالإضافة إلى اغتيال عدد من قادة حزب الله، آخرهم فؤاد شكر؛ وتواصل إسرائيل سياسة تصفية معارضيها دون الاعتراف بأي مسؤولية عنها، رغم أن مراقبين يرون أن هذه السياسة تهدف إلى إبقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في السلطة.

وذكرت صحيفة لوموند الفرنسية وصحيفة الباييس الإسبانية أن سياسة الاغتيالات المستهدفة تضع إسرائيل في مأزق ولا تمثل انتصارا استراتيجيا على أعدائها، بل هي تعبير عن سياسة غير مسؤولة انتهت بانهيار دولة إسرائيل. مفاوضات وقف إطلاق النار ويمكن أن تقود الشرق الأوسط إلى حرب شاملة.

وكتبت لوموند أن هذه الهجمات، التي جعلها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غاية في حد ذاتها، تظهر قدرة إسرائيل على ملاحقة أعدائها، لكن تكرارها يثبت أيضا بشكل غير مباشر حدودها الكبيرة، لأنها مجرد هجمات تكتيكية لا معنى لها. استراتيجية، مما يوحي بأن المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل يعتقدان أن الاغتيالات المستهدفة تجعل من الممكن حماية إسرائيل وكسب الوقت لها، لكن الحقائق تناقض ذلك. لم تمنع عمليات التصفية قط ظهور بديل للزعيم المقتول يكون أكثر خطورة على إسرائيل، لكن نتنياهو جعل من الاغتيالات هدفا له وهو غير قادر على توفير أدنى شكل من أشكال الحماية.

وبينما تفترض صحيفة الباييس أن الهجمات على هنية وشكر كانت هجمات واسعة النطاق خارج مسرح القتال المعتاد في غزة، فإنها تؤكد صحة الفرضيات الأكثر تشاؤما حول إمكانية خروج حرب غزة عن نطاق السيطرة، مشيرة إلى أن عملية الاغتيال إن تصعيد هنية وشكر تصعيد خطير للغاية في الصراع بين إسرائيل وإيران، حيث وصل إلى مستوى دراماتيكي، ويقترب من نقطة اللاعودة، وإذا تم تجاوزه، فقد يكون من المستحيل إيجاد مخرج سلمي من الأزمة. حرب.

والغريب في الأمر أن سياسة الاغتيالات الإسرائيلية أصبحت عدوى تنتشر بين الدول، خاصة بعد محاولة اغتيال مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب الشهر الماضي، ومحاولة اغتيال رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح السيسي. -البرهان بطائرة مسيرة أثناء حضوره حفل تخريج عدد من العسكريين من الكليات العسكرية والكليات العسكرية اليوم الأربعاء.

وإزاء هذا التصعيد المخيف، دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن كافة الأطراف في الشرق الأوسط إلى عدم اتخاذ إجراءات تصعيدية، فيما يتخذ الدبلوماسيون الأوروبيون والأميركيون في المنطقة إجراءات عاجلة لمنع حرب شاملة واحتواء الأحداث.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن بلينكن قوله: “إن المسار الذي يسلكه الشرق الأوسط يؤدي إلى مزيد من الصراع والعنف والمعاناة وانعدام الأمن، ومن الضروري كسر هذه الحلقة المفرغة والبدء بوقف إطلاق النار في غزة”. تقول صحيفة “نيويورك تايمز” إن إسرائيل لديها تاريخ طويل في اغتيال أعدائها في الخارج، بما في ذلك العلماء النوويين الإيرانيين والقادة العسكريين.

من جانبهم، قال ثلاثة مسؤولين أميركيين إن إدارة بايدن تشعر بقلق عميق إزاء احتمال أن يؤدي مقتل هنية في طهران إلى عرقلة مفاوضات وقف إطلاق النار الجارية في قطاع غزة. ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤول بوزارة الدفاع الأمريكية قوله إن الأمريكيين لديهم بالفعل ما لا يقل عن 12 سفينة حربية متمركزة في المنطقة، بما في ذلك حاملة الطائرات يو إس إس تيودور روزفلت، وأطقم حربية برمائية وأكثر من 4000 من مشاة البحرية والبحارة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى