العالم

السنوار يصر على تحرير البرغوثي.. وسعادات مصر والوسطاء يتمسكون بـ«الهدنة».. ونتنياهو يواصل «التلاعب»

يبدو أن جولة المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل المقررة يوم الخميس المقبل، لن تستمر بسبب التردد الإسرائيلي وتلاعب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتمرس في أسباب التزوير، لمصلحة مصالحه الشخصية وإرضاء للوزراء اليمينيين المتطرفين في حكومته المهددة بالحل إذا أنهى الحرب، والتي قد تدخل بالتالي في دوامة جديدة قد تقوده إلى السجن، قبل خلفية القضايا. بالفساد واستغلال النفوذ.

ودفعت مصر ميسري عملية التفاوض إلى إصدار بيان من ثلاث صفحات وقعته مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية يحث على وقف إطلاق النار والاتفاق على التبادل الأسري ومنع تصعيد الصراع الذي من شأنه توسيع الصراع في المنطقة. يمكن أن تشتعل. خاصة بعد تهديدات إيران بالرد بهجوم صاروخي وطائرات بدون طيار داخل إسرائيل بعد اغتيال هنية. وهذا يهدد بتوسيع حجم الصراع في المنطقة وتهديد السلام العالمي في منطقة حساسة ومهمة للغاية من العالم.

وأعلن مكتب نتنياهو عزمه إرسال وفده المفاوض إلى المكان الذي سيتمركز فيه المفاوضون، سواء كان القاهرة أو الدوحة، لاستكمال عملية التفاوض في المفاوضات المقرر إجراؤها الخميس المقبل 15 أغسطس/آب. ويرأس الوفد الإسرائيلي رئيس الموساد، بمشاركة رئيس المخابرات المصرية ورئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري ورئيس وكالة المخابرات المركزية.

ويبدو أن رد حركة حماس على اغتيال زعيمها إسماعيل هنية بتعيين يحيى السنوار خلفا له هو رسالة من الحركة ردا على رسالة إسرائيل باغتيال مفاوض حماس الأول، وهو ما يشكل دليلا على افتقار قوة الاحتلال إلى المعرفة. الجدية في إتمام المفاوضات حول اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، خاصة وأن إسرائيل تعتبر يحيى السنوار أخطر شخصية فلسطينية على إسرائيل والمفاوضات معه أصعب بكثير -حتى من الناحية النظرية- من المفاوضات مع إسماعيل هنية الذي يعتبره البعض أحد حمائم الحركة بينما يصف السنوار بأنه أحد أبرز صقورهم!

ويمكن للبعض أن يفسر تصريح يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي للحركة، حول اتصالاته مع الوسطاء المصريين عبر مساعده وصديقه خليل الحية، بأنه تمسكه بالثوابت الأساسية، بما في ذلك الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي، الإعلان من قطاع غزة والإفراج عن أسرى فلسطينيين بارزين، وعلى رأسهم مروان البرغوثي القيادي البارز في حركة فتح، وأحمد سعدات الأمين العام السابق للحركة الشعبية لتحرير فلسطين، ومن أبرز الأسرى الفلسطينيين يقبعون في سجون الاحتلال منذ عقود وإسرائيل ترفض بشدة إطلاق سراحهم.

وبحسب تقارير أميركية فإن السنوار أجرى اتصالات مع وسطاء مصريين وأكد لهم معارضته الشديدة لإدارة السلطة الفلسطينية لقطاع غزة بعد الحرب. وفي الوقت نفسه، فهو يرفض نشر قوة متعددة الجنسيات في قطاع غزة، حسبما ذكر خليل الحية نقلاً عن السنوار. وأبدى وسطاء مصريون رغبتهم في إطلاق سراح كل من مروان البرغوثي وأحمد سعدات باعتبارهما الزعيمين التاريخيين للفلسطينيين والإسرائيليين. ملتزمون بمواصلة اعتقالهم وتعذيبهم في سجون الاحتلال منذ سنوات.

وفي إسرائيل يكرر اليمين المتطرف لعبته التقليدية، كلما ارتفعت الأصوات المطالبة بإبرام اتفاق التبادل. حذر بتسلئيل سموتريش، وزير المالية الإسرائيلي، من قبول اتفاق تبادل الأسرى واتفاق وقف إطلاق النار باعتبارهما “فخًا كبيرًا”، ودعا إلى استمرار القتال والإبادة الكاملة للفلسطينيين في قطاع غزة.

وفي حين يدعي نتنياهو أنه مستعد لوضع اللمسات الأخيرة على الصفقة التفاوضية في 15 أغسطس/آب، تستمر الغارات على الأحياء السكنية في قطاع غزة. كما قام بقصف أحياء في قطاع غزة والضفة الغربية، مما أسفر عن مقتل أطفال ونساء ومدنيين، واستخدم طائرة بدون طيار لقصف سيارة مدنية في أحد شوارع مدينة صيدا اللبنانية. وكان بالداخل أحد قيادات حركة حماس، مما أدى إلى مقتل السجناء وعلى رأسهم تامر الحاج القيادي في حركة حماس وكتائب القسام.

وفي إسرائيل، أظهرت استطلاعات الرأي ارتفاع نسبة مؤيدي حزب الليكود بزعامة بنيامين نتنياهو على حزب منافسه عضو المجلس الحربي المستقيل بيني غانتس، للمرة الأولى منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فيما رأى مراقبون تأكيدا لما شهده من تأييد شعبي لجرائم الإبادة التي يرتكبها جيش نتنياهو. وهو في الوقت نفسه يؤكد مستوى التطرف السائد في المجتمع الإسرائيلي الذي يدعم كل هذه الجرائم العنصرية ضد المدنيين والأبرياء، الأمر الذي يشكل انتهاكا واضحا للقانون الدولي وقرارات المنظمات الحقوقية الدولية، وفي مقدمتها محكمة العدل الدولية ومحكمة العدل الدولية المحكمة الجنائية الدولية.

ويؤيد معظم المجتمع الإسرائيلي استمرار حرب القضاء على حماس، رغم الخسائر الفادحة التي مني بها الاقتصاد الإسرائيلي منذ أكثر من عشرة أشهر، والتي أدت إلى تراجع قيمة الشيكل الإسرائيلي، وزيادة التدهور الاقتصادي، الخ إغلاق مئات المصانع والمؤسسات التجارية والمزارع بسبب عدم الاستقرار الأمني وعدم توفر العمال الفلسطينيين أو غيرهم لمواصلة العمل في هذه المنشآت.

أدى تراجع المظاهرات والاحتجاجات المحلية الداخلية التي نظمتها عائلات الأسرى والمعتقلين الإسرائيليين خلال الأسابيع الأخيرة، إلى تخفيف الضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذي تمكن من تنفيذ بعض الاغتيالات التي اعتبرها مواطنوه انتصارات على حماس، على وجه الخصوص. الاغتيالات التي نفذها أشخاص من الصفين الأول والثاني من حماس وحزب الله، مما أدى إلى زيادة شعبيته داخليا ودعمه أمام المعارضة التي اتهمته بمسؤولية الإخفاقات العسكرية التي أدت إلى أحداث 7 أكتوبر. وأسفرت العام الماضي عن سجن العشرات من المجندين والمدنيين وقتل آخرين.

ويستغل نتنياهو الانشغال الأميركي بالانتخابات الرئاسية الأميركية، وهو ما لا يشكل عليه أي ضغوط حقيقية، بل يدعمه بشكل غير مباشر ويمنحه المزيد من الأسلحة والدعم السياسي والاقتصادي، مما يضعه في موقف قوي ويزيد من عناده. في رفضه، بل من أجل إتمام الاتفاق، أجرى نتنياهو عدداً من التغييرات وأضاف أخرى. إن الشروط والعناد في تفاصيل تنفيذ وثيقة السياسة التي أعلنها بايدن تجبر حماس على رفضها، وبالتالي تتحمل حماس مسؤولية عرقلة إبرام العقد.

إن عدم وجود ضغوط داخلية أو أميركية يمنح نتنياهو فرصاً أكبر لتأخير وتأجيل اتفاق التبادل وإنهاء الحرب، وهذه العوامل يمكن أن تؤدي إلى نفس المصير الذي حل بجميع المبادرات السابقة التي فشلت في إنهاء الحرب وذلك للتوصل إلى اتفاق على تبادل الأسرى. وهو ما يجعل الأمل في إتمام هذه الصفقة، مثل المحاولات السابقة، ضئيلا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى