العالم

محمد العرب: الدول الهشة غير قادرة على حماية مواطنيها أو الحفاظ على سيادتها

قال الكاتب والصحفي البحريني محمد العرب إن الدول كانت دائما تعبيرا عن الاستقرار والتنظيم في حياة المجتمعات. فهي تجمع الناس تحت مظلة قانونية وإدارية واحدة وتوفر لهم الأمن والخدمات التي تجعل الحياة أسهل. ومع ذلك، ليست كل الدول قادرة على الاستمرار في ذلك. وهذا دور حاسم لأن بعضها يبدأ في الانهيار من الداخل مع انهيار مؤسساتها وضعف نظامها، مما يوحي بأن هذه الدول تعرف بالدول الهشة، وهي ظاهرة تكمن جذورها في تراكم العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تجعل من ومن المستحيل عليهم تلبية احتياجات مواطنيهم أو الحفاظ على سيادتهم.

وأضاف العرب في مقالته التي تحمل عنوان “متى تتحول الأمم إلى قنابل موقوتة” المنشورة في صحيفة اليوم السعودية أنه يمكننا أن نرى أمثلة واضحة لتحول الدول القوية إلى كيانات هشة في التاريخ، وأوضح أن الإمبراطورية الرومانية الغربية على سبيل المثال، كانت إحدى القوى العظمى في العالم القديم، لكنها واجهت قيوداً داخلية وخارجية جعلت من المستحيل عليها الاستمرار في السيطرة على أراضيها الشاسعة. وتعمقت الأزمة الاقتصادية وانتشرت الفوضى السياسية، مما جعلها عرضة للهجمات الخارجية التي أطاحت بالإمبراطورية عام 476م، وبشرت ببداية حقبة جديدة من الفوضى والتفكك في أوروبا.

وتابع: “في العصر الحديث نرى وضعا مماثلا في الصومال. وبعد سقوط الحكومة المركزية عام 1991، تحولت الصومال إلى دولة بلا حاكم فعال، وأصبحت مسرحا للصراعات القبلية والجماعات المسلحة، مما مهد الطريق لانتشار الجماعات الإرهابية مثل حركة الشباب. التي… استغلوا الفراغ الأمني لتوسيع نفوذهم داخل البلاد وخارجها ولم يؤثر هذا الوضع على الشعب الصومالي فحسب بل أدى أيضا إلى تداعيات دولية على شكل أعمال القرصنة في خليج عدن التي هددت التجارة العالمية .

وأكد الصحفي البحريني أن الدول الهشة لها آثار عميقة تتجاوز حدودها الجغرافية. يصدرون مشاكلهم إلى الخارج ويدفعون سكانهم إلى بلدان أخرى بحثاً عن الأمان. وتفرض هذه الهجرات ضغوطاً كبيرة على البلدان المضيفة، وتخلق ظروفاً سياسية جديدة وتوترات اجتماعية، وعلاوة على ذلك، تصبح الدول الهشة بيئة مثالية لنمو الجماعات الإجرامية والإرهابية التي تشكل تهديداً للأمن الدولي.

وما يجعل هذه الظاهرة أكثر إشكالية هو أنها ليست مجرد مشكلة داخلية، بل إنها سرعان ما أصبحت جزءا من معادلة أكبر تعيد تشكيل التوازنات الدولية، وهشاشة الدول لا تعني انهيار مؤسساتها فحسب، بل تعني انهيارها أيضا. ولذلك فإن التعامل مع الدول الهشة يجب أن يكون جزءاً من استراتيجية دولية شاملة تهدف إلى تعزيز الاستقرار وبناء مؤسسات قوية ومستدامة.

وختم مقاله بالقول إن هشاشة الدول تثير أسئلة فلسفية حول طبيعة الدولة نفسها: ما الذي يجعل الدولة متماسكة؟ فهل القوة العسكرية أم الاقتصاد القوي كافيان لضمان استقرارها؟ أم أن هناك عوامل أعمق تتعلق بالشرعية والشعور بالانتماء والعدالة الاجتماعية تلعب دورا حاسما في قدرة البلدان على مواجهة التحديات؟ تظل هذه الأسئلة مفتوحة وتتطلب تفكيرا أعمق في طبيعة الدولة وكيفية الحفاظ على استقرارها في عالم متغير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى