شركات تفرض شروطها على الصيدليات والمرضى.. «الأسبوع» تكشف خفايا أسعار الدواء في سوق «الأوڤر برايس»
«الأسبوع» بادر وأجرى تجربة حقيقية مع الصيدليات وشركات توزيع الأدوية (خاصة مرضى الأورام والسكري) لكشف التلاعب بالأسعار وكشف الممارسات الاحتكارية لبعض الشركات، لتصبح سوقاً موازية عبر نظام «المبالغة في التسعير»، رغم أن وتقوم الجهات المختصة بتنفيذ الضوابط والتدابير الإشرافية.
“السعر الزائد” هو قيمة مالية إضافية يتقاضاها الوكلاء والتجار فوق السعر الأصلي مقابل إتاحة السلعة المستوردة (غالباً) وتسليمها فوراً، بدلاً من الانضمام إلى قوائم الانتظار التي تخضع لتقلبات وتغيرات مستمرة في الأسعار. انتقلت ظاهرة «الغلو في الأسعار» من سوق السيارات إلى سوق الأدوية عام 2021، ومنذ عام 2022، طالت بشكل خاص السلع المستوردة أو تلك التي يشمل إنتاجها مواد أولية مستوردة من الخارج.
ولجأت شركات الأدوية ذات المخزون المحلي إلى مضاعفة الأسعار وتطبيق ظاهرة “المبالغة في الأسعار” على أنواع الأدوية لاستغلال آلام المرضى. ومع ذلك، فإن عدم توفر البدائل يجبر المرضى في بعض الأحيان على الشراء بأسعار مبالغ فيها. يأتي ذلك بعد إعلان مجلس الوزراء وهيئة الأدوية المصرية مؤخرًا عن توافر عدد كبير من المستحضرات الصيدلانية وأدوية الأمراض المزمنة (الأورام والكلى والضغط والسكر) في الصيدليات.
خبرة في مجال “السعر الزائد”
خلال تجربة «الوسبة»، بادرنا بالاتصال بإحدى قنوات الاتصال في سوق الدواء الموازي «السعر الزائد». سألناه عن عقار “مينيرين” الذي يستخدم لعلاج المسالك البولية. قال الصيدلي إنه يمكنه تقديمه “بسعر أعلى”. وعلمنا منه أن الحزمة التي تبلغ قيمتها 525 جنيها مصريًا، احصل عليها بـ 750 جنيها مصريًا فقط لأننا “معروفون” وأن سعرها سيكون أعلى إذا ذهبت إلى طرف آخر!
وهنا أكدنا أن أسعار الأدوية في سوق «الغلاء» ليست ثابتة عند سعر محدد، بل تخضع لتقديرات كل صيدلي أو تاجر وأيضاً طبيعة المرض. إذا كان الدواء مخصصًا لعلاج الأورام، تتضاعف القيمة. وهذا ما اكتشفناه عندما طلبنا من أحد الصيدليات توفير دواء لعلاج سرطان العظام. وإذا كان الدواء مخصصاً لمرضى السكر (الأنسولين مثلاً) تكون الزيادة 50% بدعوى أن «الدواء ناقص وأن قيمة الزيادة تعود بالفائدة على شركات الأدوية»!!
هيئة المخدرات تلاحق المخالفات
وزودنا مسؤولي هيئة الأدوية المصرية بتفاصيل ما يحدث في سوق الغلاء، وقالوا لـ”الأسبوع”: “نقوم بحملات تفتيشية عديدة على الصيدليات والمحلات التجارية. وإذا أثبتنا أن الدواء تم بيعه بسعر أعلى من السعر المعلن، فإن العقوبة تتراوح بين الإغلاق والسجن”. وأكد علي الغمراوي، أنه تم تنفيذ 55 ألف زيارة تفتيشية على صيدليات المجتمع ومستودعات الأدوية منذ بداية العام الجاري وحتى 30 يونيو من العام الماضي.
ويعترف الغمراوي بوجود بعض الممارسات المرتبطة بالعرض والطلب في الأسواق في الآونة الأخيرة (حاول البعض تخزين كميات زائدة عن الاحتياجات الفعلية من أجل خلق سوق موازية لتجارة المخدرات، حتى يتضاءل ذلك لخلق و زيادة الطلب المتزايد). -عرضه بسعر أعلى من أسعار الأدوية الرسمية)…ولكن تمت السيطرة على هذه الممارسات.
وتواصل الوكالة المراقبة والملاحقة القضائية
وتواصل الهيئة القيام بأنشطة المراقبة والمتابعة الدورية، وتلقي الشكاوى والبلاغات المتعلقة بمخالفات المواد التسويقية، واتخاذ الإجراءات الرقابية اللازمة لضمان وصول المعلومات الدقيقة والموثوقة وفي الوقت المناسب والمحايدة وغير المضللة إلى المواطنين بشكل سليم. وفي الوقت المناسب وبطريقة مقبولة ومناسبة لجميع شرائح المجتمع.
تقوم الهيئة بمراقبة المواقع الإلكترونية، ومن خلال فريق صيدلي الشكاوى، تتلقى الشكاوى والبلاغات المتعلقة بمخالفات المواد التسويقية، والتأكد من صحة هذه المخالفات، واتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة ضد جهات النشر لإزالة المخالفات، والحصول على موافقة هيئة الأدوية المصرية. .
أعلنت هيئة الأدوية المصرية أنه منذ بداية العام الجاري تم ضبط 171 مخالفة للمواد التسويقية والإعلانية الموزعة في سوق الأدوية، وورد 214 بلاغاً عن مواد تسويقية مخالفة أو غير لائقة، كما تم نشر وتوزيع 551 مادة تسويقية على موقع الدواء. تم التحقيق في الصفحات والمواقع الإلكترونية في سوق الأدوية.
وتنصح الهيئة كافة المواطنين بالتواصل معها للإبلاغ عن المواد التسويقية المشتبه في تعديها من خلال استكمال طلب الإبلاغ عن مواد إعلانية غير مناسبة والمتوفر على الموقع الرسمي للهيئة أو عبر الخط الساخن (15301)، حيث تتوفر لدى الهيئة المعلومات والبيانات الواردة فيه. أن يتم التعامل معها “بسرية تامة” من قبل السلطة.
الربط الإلكتروني مع الصيدليات
وتدعم الهيئة التواصل المباشر مع الصيدليات لتحقيق التواصل المجتمعي الفعال من خلال الإبلاغ الفوري من خلال رابط على الموقع الإلكتروني عند وجود مشاكل أو رفض توصيل الأدوية من قبل الموزعين للصيدليات، وكذلك للمواطنين عبر الخط الساخن أو خدمة التوفر. سيؤدي هذا إلى توجيه المريض إلى أقرب مكان حيث يمكنه تناول أدويته بانتظام. وحثت جميع الصيادلة والمواطنين على التواصل معها عبر قنوات الاتصال المختلفة، في حالة وجود مخالفات مرورية دوائية، عبر الخط الساخن أو الموقع الرسمي للهيئة.
وحاول الغمراوي تفسير النقص الأخير في الأدوية نتيجة “أزمة الحصول على النقد الأجنبي اللازم لاستيراد المواد الأولية، وهو ما أثر تدريجياً على حجم المخزون الاستراتيجي لعدد من المواد الأولية عالية الاستهلاك” المجموعات العلاجية التي تراقبها الهيئة، أثر ذلك على معدلات توفرها في السوق”.
وأشار الغمراوي إلى أن “مصر تدرك الأهمية الاستراتيجية لصناعة الأدوية وتبذل جهودا حثيثة لتوطين وتعميق توطين صناعة الأدوية وتمهيد الطريق للاستعدادات الطبية المصرية في الخارج والعمل بشكل متكامل”. الطريقة مع شركاء الصناعة.”
شراكات مصرية لتوفير الأدوية
وأشار الغمراوي إلى أن صناعة الأدوية في مصر تعتمد بشكل كبير على شركات القطاع الخاص سواء المحلية أو العالمية، وأن القطاع الخاص ينتج نحو 93% من إجمالي الإنتاج الدوائي المحلي، والذي يتوزع بنسبة 74%. % للشركات المحلية و26% للشركات العالمية التي مقرها مصر، بينما يساهم القطاع الحكومي بنحو 7% فقط من الإنتاج المحلي ويشكل إجمالي الإنتاج المحلي من حيث عدد الوحدات المباعة نحو 91% من حجم الاستهلاك. “
ويشير الغمراوي إلى أن القطاع الخاص يلعب دورا مركزيا في صناعة الأدوية. لكل 100 عبوة في السوق هناك 91 عبوة مصنوعة محلياً. وأشار إلى أن الهيئة تدعم سياسات الدولة المصرية في مجال تشجيع الاستثمار. ويساعد ذلك على تعزيز الاقتصاد الوطني من خلال تسهيل الوصول إلى الأدوية المحلية. وهذا ما يفسر أن السوق المصري يعد من أكبر الأسواق الإفريقية ويعتبر بوابة القارة بأكملها، حيث يبلغ حجم مبيعاته حوالي 7 مليارات دولار، وبحسب الإحصائيات، تم بيع حوالي 4 مليارات وحدة سنويًا، وحجم محلي وبلغ التصنيع 91%، والاستيراد 9% فقط.
بلغ إجمالي الصادرات المصرية من المستحضرات البشرية والمستلزمات الطبية لدول العالم نحو 148.2 مليون دولار في مارس 2024، بزيادة عن المتوسط الشهري المقدر بنحو 144.1 مليون دولار. وقال الغمراوي: إن إجمالي الصادرات المصرية من المستحضرات البشرية والمستلزمات الطبية لدول العالم منذ بداية العام وحتى نهاية مارس 2024 بلغت نحو 432.2 مليون دولار.
وأكدت هيئة الأدوية المصرية عزم الحكومة مراقبة سوق الأدوية، ومواصلة جهودها لتوفير الأدوية اللازمة في السوق المحلي، وضخ كميات إضافية من العديد من المستحضرات الصيدلانية المهمة، خاصة أدوية ضغط الدم والقلب والأورام والمضادات الحيوية. توفير أكثر من 136 مستحضراً صيدلانياً بإجمالي 81 مليون عبوة.
وأوضحت الهيئة أن هذه المستحضرات تشمل أصنافاً من عدة مجموعات علاجية، مع متابعة مستمرة للتأكد من استمرار توفرها. تشمل هذه المستحضرات: كونكور تاب، سيتال سوسب، جانوميت تاب، لانتوس، زيثروماكس كاب، تامسول كاب، رواكول كاب. وتذكر الهيئة المواطنين أنه في حالة وجود أي استفسارات برجاء التواصل مع هيئة الأدوية المصرية عبر الخط الساخن 15301، مشيرة إلى أنه سيتم إبلاغهم بكل المستجدات بشأن كافة الاستعدادات الهامة.
وتحاول الحكومة تجاوز الأزمة
هناك العديد من الجهود الحكومية لتوفير الدواء. رئيس الوزراء د. أعلن مصطفى مدبولي، أنه ضخ نحو 10 مليارات جنيه في هيئة الشراء الواحدة خلال الشهرين الماضيين لسداد جزء كبير من الالتزامات المستحقة على شركات الأدوية وشركات التوريدات الطبية، والتي يتحدث عن ضرورة سداد الاشتراكات وتسريعها فروق أسعار الصرف بسبب تغيرات الأسعار. الدولار، ونحن نعمل بالفعل على ذلك.
وأشار مدبولي إلى أن النقطة المهمة للغاية هي توفير مستلزمات الإنتاج والمواد الخام، وأن السلع الاستراتيجية هي أولوية الدولة المصرية، ومتابعة ملف الإمداد الطبي بشكل أسبوعي وتحديد أوجه القصور بشكل خاص. من ناحية أخرى، أكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان د. خالد عبد الغفار، في إطار جهود التنفيذ مع الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، تكليف الرئيس عبد الفتاح السيسي بتوطين صناعة الأدوية والاستثمار في تصنيع الأدوية. الترويج للأدوية والمستلزمات الطبية والتغلب على كافة التحديات التي تواجه الصناعة المحلية مما ينعكس على توفير الأدوية بجودة عالية وأسعار عادلة تلبي احتياجات المواطن المصري ولا تمثل عبئا على فرصه الاقتصادية .