الخليج

ترمب – هاريس.. غابت الضربة القاضية

لم تكن المناظرة بين المرشحين الرئاسيين الأميركيين، الجمهوري دونالد ترامب والديموقراطية كامالا هاريس، أقل حماسة في ولاية فيلادلفيا عما كانت عليه يوم الانتخابات. والحقيقة أنه يمكن القول إن هذا السجال أشعل فتيل المعركة الحقيقية للانتخابات الرئاسية المرتقبة في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني، عندما واجه الخصمان بعضهما البعض وحاول كل منهما فضح الآخر وتوجيه ضربة مؤلمة وأحيانا قاتلة.

ووصفت صحيفة واشنطن إكزامينر المناظرة بأنها واحدة من أهم أحداث الحملة الانتخابية منذ عقود، وقد تكون الصحيفة على حق إلى حد كبير، إذ طوال فترة حكمه التي استمرت أربع سنوات والعديد من المناظرات التي لم تعد مخفية، يعرف الناخب الأمريكي بالضبط من هو دونالد ترامب. من الناخبين، لكنه لا يعرف من هي هاريس وكيف ستواجه شخصية ضخمة بحجم الرئيس السابق كانت الشغل الشاغل للدوائر السياسية الأميركية والدولية منذ سنوات، ومن هنا تأتي أهمية هذه المناظرة التي بحسب الرأي استطلاعات الرأي، تبعها 72% من الناخبين الأمريكيين.

خذ بعين الاعتبار أيضًا نبرة صوت هاريس وعينيها، التي لقيت صدى لدى الناخبين وأنصار الحزب الديمقراطي خلال الحملة الانتخابية. وخلال المناظرة (الأربعاء)، بدت وكأنها تفكر في كلام ترامب معظم الوقت، وبينما كانت عيناها تركزان على كل كلمة تقولها هاريس للدفاع عن نفسها وصد هجمات دونالد ترامب، بدت وكأنها في موقف دفاعي أكثر منها. وفي مناظرة طوال المناظرة (90 دقيقة)، أشارت إلى أنها لا تزال في حالة من التوتر، وحتى نبرة صوتها كانت قلقة من حضور ترامب الطاغي وكلماته المباشرة والقاسية.

ومع ذلك، لم تبدو هاريس امرأة ضعيفة في مواجهة عدوان ترامب ضد النساء. بل كان هدف فريق الحملة هو عدم جعلهم منهكين أو ضعفاء لدرجة أن الرئيس السابق سيقضي عليهم كما فعل، بعد المناظرة: “قال فريق حملتهم إنهم شعروا بأن نائب الرئيس لديه سيطرة قوية على المناظرة القادمة مناقشة “لقد أظهرت المواضيع”.

كان ترامب في قمة حضوره وثقته عندما تحدث عن المصلحة الأمريكية الأكبر. وكثيراً ما كان يسخر من الخصم -كما هي عادته- لزعزعة ثقته، وكان يستخدم لغة قاسية عند الحديث عن الرئيس بايدن وخروجه من الحملة، الأمر الذي صدم هاريس وربما كان يخشى.. بذاءات ترامب وكلامه القاسي.

وكان البعد النفسي أكثر حضورا في هذا النقاش منه في البيانات الانتخابية. يسعى كلا الطرفين إلى أن يكونا أكثر مرونة، وليس سرا أن هذه هي لعبة ترامب المفضلة – تعريض الخصم لوابل من الرصاص والضغط عليه، بقدر ما يتعلق الأمر بالشكل، هو في جيب ترامب.

كان أحد هجمات ترامب الناجحة على هاريس هو تصريحه: “إنها ماركسية. الجميع يعرف أنها ماركسية”. إن استخدام كلمة “الماركسية” في المجتمع الرأسمالي الأمريكي كلمة مخيفة، خاصة فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي، حيث أن المفهوم الاقتصادي الماركسي يقوم على فلسفة المساواة الاقتصادية وهذا ينظر إليه على أنه مدمرة للطبيعة التنافسية ولعل ترامب يدرك أن مثل هذه التصريحات لها تأثير أكبر على هاريس والناخب الأمريكي، في حين كررت هاريس مقولة الديمقراطيين: “ترامب سيدمر بلادنا” وأنه أحدث الفوضى في البلاد نتيجة ما فعلته هاريس ما قاله ضد ترامب ليس أكثر من تجميع للادعاءات السابقة ضده.

وخسر كلا المرشحين الضربة الحاسمة التي غالبا ما تحدد مسار المنافسة لاحقا، رغم أن اتهام ترامب الخطير لهاريس بأنها تكره إسرائيل وأن إسرائيل ستختفي بعد عامين إذا تولت السلطة، لم يكن له تأثير كبير على هذه المناظرة والرذيلة حتى أن الرئيسة تفوقت على ترامب من خلال دعم إسرائيل طوال حياتها المهنية؛ على حد قولها.

وعلق خبير أميركي تابع للحملة الانتخابية: قبل بدء المناظرة بين المرشحين، قال: “تلقى هاريس اتصالين من الرئيس بايدن والمرشحة الديمقراطية السابقة هيلاري كلينتون لمواجهة سيطرة ترامب وغطرسته، فيما أدلى ترامب بمعظم تصريحاته مستشارا”. وأضاف المعلق الأمريكي: “المفارقة هي أن كلا من هيلاري وبايدن فشلا في المناظرات السابقة. فهل سيكون الأمر كذلك مع هاريس؟!” صحيح أن المناظرات هي الجزء الأهم في الحملة، لكنها لا تعتبر من القضايا الحاسمة باعتبار أن الانتخابات لا تزال على بعد شهرين، وهي عادة ما تخدع هؤلاء المؤيدين، كما حدث ذلك في المناظرة بين ترامب وهيلاري، والتي أشارت إلى فوز ساحق لهيلاري. لكن النتيجة كانت مختلفة تماما.

ما أظهرته هذه المناظرة بشكل عام هو عدم التوازن بين المرشحين على المستوى الشخصي وعلى مستوى الحضور في مثل هذه المناسبات، لكن العامل الأساسي اليوم بعد هذه المناظرة وغياب تأثير هاريس هو البيان المقنع. وهذا سيقرر مصير المكتب البيضاوي. بحلول ذلك الوقت، ستكون أميركا أكثر وضوحاً في سياساتها المستقبلية، وسيكون هناك انقسام واضح بين الجمهوريين والديمقراطيين.

ويجمع العديد من الخبراء والمحللين على أن النسب بين المرشحين متقاربة للغاية، مما يعقد السباق الرئاسي ويمنع إجراء استطلاعات موثوقة، خاصة أنه خلال هذه الفترة تتدفق الأموال من كلا الحزبين إلى مراكز استطلاعات الرأي للتأثير على المزاج العام في الولايات المتحدة. توازن في فرص الفوز بين ترامب وهاريس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى