عنصرية الملاعب وحروب الهتافات.. كيف فجر التوتر السياسي اشتباكات جماهير مكابي تل أبيب وأياكس في هولندا؟
في مشهد يعكس تصاعد التوتر بسبب الإبادة التي تمارسها قوات الاحتلال بحق الفلسطينيين، اندلعت اشتباكات عنيفة بين جماهير نادي مكابي تل أبيب الإسرائيلي وجماهير أياكس أمستردام في العاصمة الهولندية أمستردام، مساء الجمعة، بعد نهاية المباراة التي جمعت الفريقين. فريقان معًا في منافسات الدوري الأوروبي وفاز أياكس رغم الفوز الساحق بخمسة أهداف نظيفة، ولم تقتصر المباراة على متعة كرة القدم في الملعب، بل امتدت إلى شوارع أمستردام، حيث اندلعت مشاجرات ساخنة بين المشجعين، والتي وأثارت موجة من الاحتجاجات والاستنكار من مختلف الأطراف.
أحداث أمستردام
ولم تكن هذه الاشتباكات مجرد رد فعل طبيعي على الهزيمة، بل نتيجة مجموعة من الهتافات العنصرية المثيرة للجدل التي رددتها جماهير مكابي تل أبيب قبل بداية المباراة، مما أثار مشاعر الجاليات العربية والمهاجرة في المدينة. وسرعان ما تصاعدت هذه الحادثة، التي وصفتها وسائل إعلام غربية بـ”المعادية للسامية”، إلى صراع مفتوح، ما أثار تساؤلات حول توازن القوى في الملاعب الأوروبية وتزايد حدة أعمال العنف بين الجماهير، فيما دعت في الوقت نفسه إلى وقف إطلاق النار. وقف العنف وتعزيز الجهود لمنع تكرار مثل هذه الحوادث. وهذا يهدد روح الرياضة والتسامح.
لقاء جماهير مكابي تل أبيب وأياكس أمستردام
دكتور. ووصف محمد عبود، أستاذ الدراسات الإسرائيلية بجامعة عين شمس، ما حدث بين جماهير الفريقين بأنه رد فعل على الاستفزازات المتبادلة.
وأضاف عبود خلال حواره مع الإعلامي أحمد موسى في برنامج “على مسؤوليتي” على بوابة البلد، أن جماهير مكابي تل أبيب معروفة بهتافاتها العنصرية ضد العرب، ومن بينها هتافات مثل “الموت للعرب”. “
وأشار إلى أن الجماهير الإسرائيلية رددت شعارات عنصرية قبل المباراة، كما مزقت العلم الفلسطيني، مما أثار مشاعر المهاجرين العرب في أمستردام. وأوضح عبود أن الاشتباكات التي اندلعت كانت ردا على هذه التصرفات الاستفزازية وليست عملا غير مبرر من قبل العرب.
وسائل إعلام الاحتلال الإسرائيلي
وبينما نظرت بعض وسائل الإعلام الغربية إلى الحادثة على أنها “معادية للسامية”، أصر عبود على أن هذا الوصف غير دقيق، قائلا: “العرب أكثر معاداة للسامية من اليهود”، في إشارة إلى محاولات إسرائيل تضخيم الحادث وتصوير نفسها على أنها ضحية. . وأضاف أن ما حدث كان وكأنه “ضربني وبكى وضربني واشتكي”، في إشارة إلى المبالغة في تصوير الأحداث.
موقف الدول الأوروبية
من جانبه، كشف أحمد فؤاد أنور، أستاذ اللغة العبرية الحديثة وعضو مجلس الخارجية المصري، عن مزيد من التفاصيل حول الاشتباكات بين الجماهير. وأوضح أن عدد مشجعي مكابي تل أبيب الذين تواجدوا في أمستردام بلغ نحو 3000 مشجع، لكن عدد الذين تدخلوا في الاشتباكات كان محدودا.
كما أشار إلى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية حاولت تصوير الحادثة على أنها “معاداة للسامية” من أجل إخفاء حقيقة الحادثة.
وقال أنور: “إن جماهير الفريق الإسرائيلي رددت هتافات بذيئة ضد العرب، وكان ذلك استفزازيا للغاية، مما أدى إلى تصاعد الأجواء سريعا”، كما حاولت وسائل الإعلام الإسرائيلية استغلال الحادث لتوجيه اتهامات واسعة النطاق للشرطة الهولندية أنهم لم يحموا الجماهير الإسرائيلية كما هو مطلوب.
وفي هذا السياق تحدث أحمد فؤاد أنور عن الموقف الأوروبي من هذه الأحداث. وأشار إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعرب عن تضامنه مع المحرضين الإسرائيليين رغم الاعتداء على وزير خارجيته وحرسه في القدس الشرقية.
وأضاف أن المباراة المقبلة للمنتخب الإسرائيلي، والتي كان من المقرر أن تقام في بلجيكا، رفضتها السلطات البلجيكية، وكان من المقرر أن تقام في فرنسا، مع اعتراض جماهير روسترز على حضور المباراة.
وتطرق أنور أيضا إلى استعدادات الجماهير الإسرائيلية للمباراة المقبلة أمام فرنسا، مشيرا إلى أن البعض كان يطالب بتوفير “الغاز المسيل للدموع والأسلحة الرشاشة” خوفا من هجمات الجماهير الفرنسية.
الخلاف السياسي داخل إسرائيل
من ناحية أخرى، ناقش أنور الخلافات السياسية في إسرائيل بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، والتي تصاعدت على خلفية الإصلاحات القضائية، وكذلك مسألة الانسحاب من محور فيلادلفيا وقطاع غزة. وأشار إلى أن جالانت يواصل تسريب المعلومات عن نتنياهو، مما يؤدي إلى تفاقم الخلاف بينهما. وأوضح أن وزير الدفاع الجديد يسرائيل كاتس لا يتمتع بنفوذ كبير في منصبه، ما يجعل نتنياهو “وزير الدفاع الفعلي”.
وهذه الاشتباكات ليست مجرد انعكاس للتوترات في الملاعب، بل هي انعكاس لتوترات سياسية واجتماعية أعمق تحيط بالعلاقة بين العرب والإسرائيليين في مختلف المجالات، سواء في الرياضة أو في غيرها. ومن الواضح أن هذه الأحداث تسبب المزيد من الانقسامات وتتطلب تدخلا أوروبيا حاسما للحد من أعمال العنف والتهديدات العنصرية التي يمكن أن تتفاقم في المستقبل.