الخليج

ترمب – هاريس انتخابات «كسر عظم»

مازلنا على بعد نحو أربعة أشهر من إعلان لحظة الحقيقة في الانتخابات الرئاسية الأميركية. ومن المقرر أن يترشح الرئيس الأمريكي الجديد لمنصب الرئاسة في الثاني من يناير المقبل؛ وسواء كان جمهورياً أو ديمقراطياً، فإنه يؤدي القسم خلال احتفال كبير ويحدد خصائص السياسة الأميركية، والتي ربما تكون أعظم لحظة في السياسة العالمية.

لكن هذه اللحظة التاريخية لن تأتي إلا بعد حرب ساخنة تحبس الأنفاس بين الحزبين العملاقين (الجمهوريين والديمقراطيين).

هناك ارتباك واضح في الانتخابات الأميركية، يحمل في طياته انقسامات معينة، حيث نرى جمهوريين يتضامنون مع الديمقراطيين وشخصيات من خارج الحزب الجمهوري تقود المعركة مع المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب، حرب جديدة في الولايات المتحدة. من أمريكا.

قال فريق حملة دونالد ترامب، الثلاثاء الماضي، إن المرشح الجمهوري روبرت إف كينيدي جونيور وتولسي جابارد، الذي يعتزم الترشح للرئاسة، يجب أن ينضما إليه إذا فاز في الانتخابات المقررة في نوفمبر المقبل. يشار إلى أن لا كينيدي ولا غابارد ينتميان إلى الحزب الجمهوري.

ويقف وراء هذا الاتجاه هدف ترامب توسيع دائرة التحالفات الأمريكية قدر الإمكان للتغطية على أخطبوط الديمقراطيين الذين يبدون أكثر اتحادا، وهذا ما أخرجه بريان هيوز، أحد كبار مستشاري حملة ترامب، في بيان قال فيه: : “مع توسع التحالف الضخم للرئيس ترامب من المؤيدين والمؤيدين إلى ما هو أبعد من حدود مؤيدي الحزب الجمهوري، يشرفنا انضمام روبرت إف كينيدي جونيور وتولسي جابارد إلى فريق ترامب/فانس الانتقالي.”

غابارد. وهي نائبة ديمقراطية سابقة، ترشحت لرئاسة الحزب الديمقراطي عام 2020، لكنها فشلت. لديها رغبة قوية في الانتقام من الحزب الديمقراطي ولذلك وجدت أن أفضل انتقام من الديمقراطيين هو الانضمام إلى الحملة الانتخابية للمرشح المنافس، وهذا ما حدث بالفعل ومثل هذه الممارسات تظهر مدى خطورة الانقسام الأمريكي. سياسياً، انتصرت الأهواء الشخصية على المصالح الحزبية والوطنية، ولم نشهد مثل هذه العقلية من قبل في خضم الانتخابات الأميركية.

لكن انتظر؛ وهذا ليس انتصارا للمرشح الجمهوري دونالد ترامب. وهناك أحداث أخرى تعكس التدخل الأمريكي في هذه الانتخابات، وتظهر مرة أخرى عمق التناقضات والصراع وربما الحرب الساخنة داخل هذه الانتخابات.

وبينما اجتذبت حملة ترامب شخصيات ديمقراطية وسياسية بارزة أخرى، أعلن أكثر من 200 جمهوري عملوا مع الرئيس السابق جورج بوش والسيناتور الراحل جون ماكين والسناتور ميت رومني، دعمهم للحملة الرئاسية لنائبة الرئيس الحالية كامالا هاريس.

وجاء البيان الذي أعلنته هذه الشخصيات عبر شبكة “إن بي سي” بعد أن أدلى العديد من الجمهوريين المنتقدين لترامب بتصريحات داعمة لهاريس خلال المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو منتصف الشهر الماضي.

وقالت تلك الشخصيات في الرسالة، التي أوردتها صحيفة يو إس إيه توداي لأول مرة، إنهم أعلنوا معارضتهم لترامب في الدورة الانتخابية لعام 2020، كما قالوا إنهم أعلنوا بشكل مشترك أنهم سيصوتون لنائبة الرئيس كامالا هاريس والحاكم تيم والز في نوفمبر.

هذه ليست انتخابات عادية على الإطلاق. إنها انتخابات (ساحقة للعظام) بين حزبين عريقين في الولايات المتحدة، لكل منهما مشروعه الخاص على المستويين الأميركي والدولي لتشكيل وجه العالم بعد عام 2024.

ورغم أن الحملة الانتخابية لا تزال قيد التقييم وأن النتيجة لا تزال غير واضحة، إلا أن استطلاعات الرأي الأميركية، التي غالباً ما تكون صادقة، تشير إلى بيانات جديدة. وفي استطلاع للرأي نشرته شركة (مورنينج كونسلت) أظهر تقدم المرشح الديمقراطي هاريس على منافسه الجمهوري ترامب، ومن بين المشاركين في الاستطلاع هناك نحو ثمانية آلاف ناخب محتمل، حيث أظهر الاستطلاع أن 48% من الناخبين يؤيدون هاريس وقال 44% إنهم سيصوتون لمنافسهم ترامب.

ورغم أن استطلاعات الرأي الأمريكية تلعب دورا في تحديد سلوك الناخبين؛ وخاصة المترددين، لكن تظل هذه الاستطلاعات مؤشرا أوليا على الوضع في الولايات المتحدة، وعادة ما يتفوق قسم الإعلام والأبحاث التابع للديمقراطيين على الجمهوريين في الحملات الانتخابية.

ذات يوم سئل الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون عن سياسة الحزب الجمهوري وسياسة الحزب الديمقراطي، فكانت إجابته: لا توجد سياسة حزبية، هناك سياسة أمريكية، وهناك أدوات جمهورية وديمقراطية.! هذه الفلسفة السياسية الأمريكية عفا عليها الزمن. واليوم من الواضح أن هناك حرباً ساخنة بين الطرفين وبين مشروعين على المستوى الأميركي والعالمي. ولذلك يمكن القول إن هذه الانتخابات هي الأغلى في العالم على المستوى السياسي والاقتصادي وحتى الاجتماعي بسبب المشروعين؛ الديمقراطيون والجمهوريون، من تصريحات واضحة لم تعد سرا على المستوى الأميركي وعلى المستوى الدولي.

في الأغلب الأعم، ما يحدث في الولايات المتحدة اليوم ليس معركة حول المصالح الوطنية للولايات المتحدة، كما كانت الحال في كل الانتخابات الرئاسية السابقة، بل معركة بين المركز والأطراف. المركز هو واشنطن والأطراف هي ظل أمريكا في العالم، في الشرق الأوسط، في روسيا وفي مناطق كثيرة تنتظر لمعرفة من سيحكم المكتب البيضاوي، ولهذا السبب لا نستبعد بأي حال من الأحوال التدخل الدولي لكليهما. الجوانب؛ لأن المرحلة التالية هي مرحلة رسم العالم الجديد.

إن اللحظة التي ستعلن فيها الولايات المتحدة الأمريكية فوز المرشح الرئاسي نتيجة الانتخابات هي ساعة الصفر في هذا العالم الذي لا يزال في جيب الولايات المتحدة الأمريكية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى