أرض الصومال .. بؤرة مشتعلة في منطقة القرن الأفريقي
ويتزايد التأثير في منطقة القرن الأفريقي بسبب طموحات أديس أبابا المتزايدة في الحصول على ميناء بحري يطل على البحر الأحمر على حساب سيادة دولة الصومال.
وعلى هذه الخلفية، حذرت مصر مواطنيها من السفر إلى منطقة أرض الصومال بجمهورية الصومال الفيدرالية، ودعت المصريين بالمنطقة إلى المغادرة عبر مطار هرجيسا في أسرع وقت.
وهو ما يقودنا إلى السؤال التالي: هل أصبح القرن الأفريقي مسرحا للحرب؟ وبعد تحذير وزارة الخارجية المصرية عقب إغلاق المكتبة المصرية في أرض الصومال، أعربت أديس أبابا أيضًا عن قلقها بشأن مستوى العلاقات والتعاون بين مقديشو والقاهرة.
ملاحظات أولية على العلاقة المصرية الصومالية
وربما يبدو أن التعاون العسكري الموقع بين مصر والصومال في 15 أغسطس/آب الماضي، أثار قلق السلطات الإثيوبية، وردت بتعيين سفير لها في منطقة أرض الصومال غير المعترف بها سابقا، مما يمثل تحركا عدائيا من جانب إثيوبيا ضد سيادة الدولة التي تمثل الصومال.
ويأتي الاتفاق بين البلدين على خلفية العلاقات الوثيقة بين القاهرة ومقديشو منذ الستينيات، وهو ما دفع مصر إلى رفض مذكرة التفاهم بين أديس أبابا وأرض الصومال التي عبرت عنها وزارة الخارجية المصرية ببيان قاطع بشأنها. ضرورة الاحترام الكامل لوحدة الصومال وسيادته الفيدرالية على كامل أراضيه. ويرفض أي تدابير من شأنها تقويض السيادة الصومالية ويؤكد الحق الحصري للصومال وشعبه في الاستفادة من موارده.
وزارة الخارجية الإثيوبية
وأصدرت وزارة الخارجية الإثيوبية بيانا أعربت فيه عن غضبها إزاء التعاون العسكري بين الصومال والقاهرة، معتبرة أنه يشكل تهديدا للأمن القومي. وحذرت مقديشو من “التواطؤ مع جهات خارجية بهدف زعزعة استقرارنا”.
وفي الوقت نفسه، تورطت حكومة أرض الصومال الانفصالية في التوترات وأصدرت بيانًا تصعيديًا ضد مصر، انتقدت فيه نشر القوات المصرية في دولة الصومال وإغلاق المكتبة الثقافية المصرية في هرجيسا.
أسباب الخلاف بين الصومال وإثيوبيا
لم تكن التوترات بين إثيوبيا والصومال جديدة، حيث سيطرت أديس أبابا على منطقة أوغادين الصومالية وغزت الصومال عسكريًا في الفترة 2006-2009.
ولم تكتف بالماضي، لكن في القرن العشرين حاولت إثيوبيا تمركز قواتها في منطقة جديدة من الأراضي الصومالية، حيث وقعت إثيوبيا مذكرة تفاهم مع إقليم أرض الصومال الانفصالي في يناير/كانون الثاني 2024، وحصلت على حق استئجارها. ومنطقة ساحلية وإنشاء قاعدة عسكرية مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة، وهو ما رفضته الحكومة الصومالية التي اعتبرت الاتفاق انتهاكا واضحا لسيادتها.
وهددت الحكومة الصومالية بطرد 10 آلاف جندي إثيوبي متواجدين كجزء من مهمة حفظ السلام وبموجب اتفاقيات ثنائية لمكافحة الحركات الإرهابية عندما تم إلغاء مذكرة التفاهم بين أديس أبابا وأرض الصومال.
وتعتقد الحكومة الصومالية أن أرض الصومال، التي لم تحصل على اعتراف دولي منذ أكثر من 30 عامًا على الرغم من أنها تتمتع بالحكم الذاتي فعليًا، هي جزء من الصومال، وعلى الرغم من أن إثيوبيا تعلم أنها جزء من مقديشو، إلا أنها تتعاون بشكل غير قانوني مع أرض الصومال لتحقيق ذلك. وذلك للخروج من كابوس الدولة غير الساحلية بهدف إنشاء قاعدة بحرية وتنويع الفرص التجارية لإثيوبيا على سواحل خليج عدن والبحر الأحمر بشكل عام.
ومن هذا المنطلق، سافرت إلى منطقة أرض الصومال لتوقيع مذكرة تفاهم تهدف إلى الحصول على ميناء بحري عبر ميناء بربرة. وفي المقابل، ترغب أرض الصومال في الحصول على أول اعتراف دولي لها من إثيوبيا.
ما الذي لا تعرفه عن أرض الصومال؟
حصلت أرض الصومال على استقلالها عام 1960 واندمجت مع الصومال بعد أن كانت شبه صحراوية على ساحل خليج عدن واحتلتها إيطاليا.
وفي عام 1991، انفصلت أرض الصومال عن جمهورية الصومال وأعلنت استقلالها بعد الإطاحة بالرئيس الصومالي السابق سياد بري، على الرغم من عدم الاعتراف بها دوليا.
ويبلغ عدد سكان أرض الصومال، وعاصمتها هرجيسا، 5.7 مليون نسمة، وتبلغ مساحتها 177 ألف كيلومتر مربع.
علامات الحرب
دكتور. وقالت أماني الطويل، الخبيرة في الشئون الإفريقية، إن تصاعد التوتر في أرض الصومال يرجع إلى إصرار إثيوبيا على تواجدها هناك، والذي اتخذ الآن طابعًا عسكريًا.
وأضاف الطويل لـ«الوفد» أن الخارجية المصرية حذرت رعاياها من مغادرة أرض الصومال لأن ذلك سيجعل المدنيين المصريين إما هدفًا أو تهديدًا، ومن هنا جاء التحذير.
وعندما سئل أحد الخبراء في شؤون أفريقيا عن السيناريوهات المحتملة، أوضح أن السيناريوهات مفتوحة وبالتالي فإن التوترات ممكنة.
مذكرة تفاهم بين أرض الصومال وإثيوبيا
فيما أوضح اللواء محمد عبد الواحد، خبير الأمن القومي والعلاقات الدولية، أن هناك تصعيدا مؤخرا عقب توقيع مذكرة التفاهم بين أرض الصومال وإثيوبيا، والتي أعطت الأخيرة الحق في ميناء بحري يطل على تعهد البحر الأحمر. مقابل الاعتراف بأرض الصومال. وهذا ينتهك سيادة أرض الصومال وقد يؤدي إلى تقسيم البلاد.
وقال عبد الواحد لـ«الوفد»، إن أرض الصومال رفضت تعاون مصر العسكري مع الصومال، ورداً على ذلك أغلقت المكتبة الثقافية التي تعمل منذ الستينيات وتجدد منذ فترة، بالإضافة إلى طرد المصريين، لافتاً إلى أن إثيوبيا منذ سنوات مضت، وبعد مغادرتهم البلاد لبضعة أيام، دعمتهم منطقة بونتلاند الصومالية بالأسلحة والذخائر. وأضاف خبير الأمن القومي والعلاقات الدولية أن تحذير الخارجية المصرية جاء بعد التوترات التي تشهدها أرض الصومال خوفًا على المواطنين المصريين، قائلاً: “من المحتمل أن يكون استهدافهم بمثابة سلاح وضغط على مصر، وذلك”. والحجة ستكون أن الميليشيات الإرهابية هي السبب في ذلك”.
وأضاف لـ”الوفد”، أن التعاون العسكري المصري الصومالي يتم في إطار الشراكة العسكرية التي تسمى بالدبلوماسية العسكرية، وأن الجيش المصري يساهم في هذه الشراكة في منطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي من خلال تدريب الصوماليين.
وأشار إلى أن تواجد القوات المصرية على الأراضي الصومالية ليس بالأمر الجديد، لكن في عام 1996 قامت القوات المسلحة بحماية مطار مقديشو لمدة ثلاث سنوات وكان اللواء محمد عبد الواحد ضمن البعثة الملحقة بالأمم المتحدة.
وقال إن أهمية تواجد القوات المسلحة المصرية في المنطقة لمراقبة الأوضاع المضطربة التي تحدها من كافة الجوانب بما تشهده من صراعات وصراعات داخلية وعابرة للحدود، فضلا عن التنافس الإقليمي والدولي، ترجع إلى أهميتها الجيوسياسية. .
وذكر أن العلاقة بين مصر والصومال تعتبر مصلحة مشتركة لأن هناك جارة إشكالية وهي إثيوبيا التي تهدد المصالح الصومالية وتحتل أراضيها منذ سنوات، فضلا عن العداء المستمر تجاه مصر بسبب قضية المياه التي تفرضها. .
وأكد اللواء محمد عبد الواحد أن إثيوبيا ستنفذ مذكرة التفاهم وتقيم قواعد عسكرية وبحرية على الأراضي الصومالية وتعترف بأرض الصومال كدولة.
وردا على سؤال حول احتمال نشوب حرب بين الصومال وإثيوبيا والتدخل المصري، قال: “من المتوقع أن تتخذ إثيوبيا إجراءات تدريجية لأن البحر الأحمر يهدد حياة البلاد ويهدد نفوذها في المنطقة”. وشدد على صعوبة المصالحة بين الصومال وإثيوبيا، إذ توجد كراهية بينهما منذ قرن.